وصف الحق سبحانه وتعالي الإنسان بصفات عديدة في القرآن الكريم، نتوصل من خلالها إلى فهم أنفسنا ومعرفتها، كي نحافظ على الجيد منها، ونعالج الرديء؛ ليستطيع الإنسان أداء رسالته،و قد جاء في القرآن الكريم وصف دقيق لطبيعة الإنسان وصفاته المتقلبة، حيث أشار إلى ضعفه وعجلته، وجبله على حب المال والحرص على الدنيا. كما وصفه بالجدل والظلم والجهل، وبالطغيان وكفران النعمة، إضافة إلى اليأس والفرح المفرط والفخر. هذه الصفات منها ما هو فطري يحتاج إلى تهذيب وضبط، ومنها ما يكتسبه الإنسان بسلوكه، ليكون في حاجة دائمة إلى الهداية والتزكية.
الضعف
وصف الله عز وجل الإنسان بأنه مخلوق والضعف ملازم له، وليس الضعف المذكور هو الضعف البدني فقط، بل يشمل الضعف النفسي
ولقد بيّنا ونوّعنا في هذا القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من أنواع الأمثال ليتذكروا ويتّعظوا، لكن الإنسان - وخاصة الكافر - أكثر شيء يظهر منه المجادلة بغير الحق.
ويدعو الإنسان لجهله على نفسه وولده وماله عند الغضب بالشرور، مثل دعائه لنفسه بالخير، فلو استجبنا دعاءه بالشر لهلك، وهلك ماله وولده، وكان الإنسان مجبولًا على العجلة؛ ولذا فإنّه قد يتعجّل ما يضرّه.
طُبِع الإنسان على العجلة، فهو يستعجل الأشياء قبل وقوعها، ومن ذلك استعجال المشركين للعذاب، سأريكم- أيها المستعجلون لعذابي - ما استعجلتموه منه، فلا تطلبوا تعجيله.
التقتير و حب المال
كلمة قتور صيغة مبالغة على وزن فعول، وقد جاءت في القرآن دالة على الإنسان البخيل الشحيح الذي يمسك عن الإنفاق.
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: لو كنتم تملكون خزائن رحمة ربي التي لا تنفد ولا تنقضي، إذن لامتنعتم من إنفاقها خوفًا من نفادها حتى لا تصبحوا فقراء، ومن طبع الإنسان أنه بخيل إلا إن كان مؤمنًا، فهو ينفق رجاء ثواب الله.
Quran Soura 100 Aya 6-8 :
إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
إن الإنسان لمَنُوع للخير الذي يريده منه ربه.
وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ
وإنه على منعه للخير لشاهد، لا يستطيع إنكار ذلك لوضوحه.
وإن خافت امرأة من زوجها ترفُّعًا عنها وعدم رغبة فيها فلا إثم عليهما أن يتصالحا بأن تتنازل عن بعض الحقوق الواجبة لها كحق النفقة والمبيت، والصلح هنا خير لهما من الطلاق، وقد جُبِلت النفوس على الحرص والبخل، فلا ترغب في التنازل عما لها من حق، فينبغي للزوجين علاج هذا الخلق بتربية النفس على التسامح والإحسان. وإن تحسنوا في كل شؤونكم، وتتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فإن الله كان بما تعملون خبيرًا، لا يخفى عليه شيء، وسيجازيكم به.
الظلم والجهل
والإنسان خلق ظلوما جهولا ؛ فالأصل فيه عدم العلم، وميله إلى ما يهواه من الشر؛ فيحتاج دائما إلى علم مفصل يزول به جهله، وعدل في محبته وبغضه، ورضاه وغضبه، وفعله وتركه، وإعطائه ومنعه
إنا عرضنا التكاليف الشرعية، وما يحفظ من أموال وأسرار، على السماوات وعلى الأرض وعلى الجبال، فامتنعن من حملها، وخفن من عاقبته، وحملها الإنسان، إنه كان ظلومًا لنفسه، جهولًا بعاقبة حملها.
وأعطاكم من جميع ما طلبتموه، ومما لم تطلبوه، وإن تعدّوا نعم الله لا تقدروا على حصرها؛ لكثرتها وتعددها، فما ذكر لكم أمثلة منها، إن الإنسان لظلوم لنفسه، كثير الجحود لنعم الله سبحانه وتعالى.
الكند و كفران النعمة
الكنود هو الذي طبع على كفران النعمة
Quran Soura 100 Aya 6-7 :
إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
إن الإنسان لمَنُوع للخير الذي يريده منه ربه.
وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ
وإنه على منعه للخير لشاهد، لا يستطيع إنكار ذلك لوضوحه.
وأعطاكم من جميع ما طلبتموه، ومما لم تطلبوه، وإن تعدّوا نعم الله لا تقدروا على حصرها؛ لكثرتها وتعددها، فما ذكر لكم أمثلة منها، إن الإنسان لظلوم لنفسه، كثير الجحود لنعم الله سبحانه وتعالى.
Quran Soura 80 Aya 17-24 :
قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ
لُعِن الإنسان الكافر، ما أشدّ كفره بالله!
مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ
من أيّ شيء خلقه الله حتى يتكبّر في الأرض ويَكْفُرَهُ؟!
مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
من ماء قليل خلقه، فَقَدَّر خلقه طورًا بعد طور.
ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ
ثم يسّر له بعد هذه الأطوار الخروج من بطن أمه.
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ
ثم بعد ما قَدَّر له من عمر في الحياة أماته، وجعل له قبرًا يبقى فيه إلى أن يبعث.
ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ
ثم إذا شاء بَعَثَهُ للحساب والجزاء.
كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ
ليس الأمر كما يتوهم هذا الكافر أنه أدى ما عليه لربه من حق، فهو لم يؤدّ ما أوجب الله عليه من الفرائض.
فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
فلينظر الإنسان الكافر بالله إلى طعامه الذي يأكله كيف حصل؟!
الطغيان
بين الحق سبحانه وتعالى أن الإنسان من طبيعته الطغيان والتمرد متى رأى نفسه في غنى
Quran Soura 96 Aya 6-8 :
كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ
حقًّا إن الإنسان الفاجر مثل أبي جهل ليتجاوز الحدّ في تعدّي حدود الله.
أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ
لأجل أن رآه استغنى بما لديه من الجاه والمال.
إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ
إنّ إلى ربك - أيها الإنسان - الرجوع يوم القيامة فيجازي كلًّا بما يستحقه.
ولئن أذقناه سعة في الرزق وصحة بعد فقر ومرضٍ أصابه ليقولن: ذهب السوء عني، وزال الضر، ولم يشكر الله على ذلك، إنه لكثير الفرح بطرًا، وكثير التطاول على الناس والتباهي بما أنعم الله عليه.
ولئن أذقناه سعة في الرزق وصحة بعد فقر ومرضٍ أصابه ليقولن: ذهب السوء عني، وزال الضر، ولم يشكر الله على ذلك، إنه لكثير الفرح بطرًا، وكثير التطاول على الناس والتباهي بما أنعم الله عليه.
إن قارون كان من قوم موسى عليه السلام فتكبر عليهم، وأعطيناه من كنوز الأموال ما إن مفاتح خزائنه ليثقل حملها على الجماعة القوية، إذ قال له قومه: لا تفرح فرح البَطَر، إن الله لا يحبّ الفرحين فرح البَطَر، بل يبغضهم ويعذبهم على ذلك.
الفخر
وصف الإنسان في القرآن الكريم بالفخر والمباهاة، وذلك بصيغة المبالغة فخور على وزن فعول ؛ للدلالة على شدة التكبر والتعاظم عند الإنسان الجاحد
ولئن أذقناه سعة في الرزق وصحة بعد فقر ومرضٍ أصابه ليقولن: ذهب السوء عني، وزال الضر، ولم يشكر الله على ذلك، إنه لكثير الفرح بطرًا، وكثير التطاول على الناس والتباهي بما أنعم الله عليه.
ولا تُعْرِض بوجهك عن الناس تكبرًا، ولا تمش فوق الأرض فرحًا معجبًا بنفسك، إن الله لا يحبّ كل مُخْتال في مشيته، فخور بما أوتي من نعم يتكبر بها على الناس ولا يشكر الله عليها.